أ. د. ليث كمال نصراوين
بعد أن حسم جلالة الملك الجدل الذي دار مؤخراً حول مصير مجلس النواب الحالي من خلال تأكيده بأن الأردن سيشهد إجراء انتخابات نيابية الصيف القادم، بدأت ملامح المرحلة الدستورية القادمة تتضح، والتي سيتسع نطاق التغيير فيها ليشمل السلطتين التشريعية والتنفيذية.
فعلى صعيد مجلس النواب، ستصدر الإرادة الملكية السامية بحل مجلس النواب الثامن عشر كخطوة استباقية لإجراء الانتخابات النيابية القادمة، والتي ستجرى وفق أحكام قانون الانتخاب ذاته لعام 2016، الذي يتبنى نظام القائمة النسبية المفتوحة على مستوى المحافظة. فبعد حل مجلس النواب سيعود الأعضاء إلى قواعدهم الانتخابية، حيث ستسترد الأمة سيادتها في اختيار ممثليها للمجلس النيابي القادم لمدة أربع سنوات شمسية، وذلك لكي يمارسوا السلطة باسمها ونيابة عنها.
أما على صعيد مجلس الأعيان، فإنه وبمجرد صدور الإرادة الملكية السامية بحل مجلس النواب ستتوقف جلسات الأعيان حكما. فالمادة (66/2) من الدستور تربط انعقاد مجلس الأعيان بوجود مجلس النواب، بحيث إذا غاب المجلس النيابي بسبب الحل، فإن مجلس الأعيان يفقد حقه الدستوري في الاجتماع تحت القبة.
إن الفترة الزمنية المسموحة دستورياً لغياب مجلس النواب لغايات إجراء الانتخابات النيابية والتي حددتها المادة (73/1) من الدستور بأربعة أشهر على الأكثر، ستشهد غياباً كاملاً للسلطة التشريعية. إلا أنه وبمجرد إعادة انتخاب مجلس النواب، ستصدر الإرادة الملكية السامية بحل مجلس الأعيان وإعادة تشكيل أعضائه، وذلك لغايات توحيد المدة الزمنية لبدء كلا المجلسين، اللذين يشكلان معاً مجلس الأمة بموجب الدستور.
أما على صعيد السلطة التنفيذية، فإنه سيترتب على حل مجلس النواب وجوب تقديم الحكومة الحالية لاستقالتها الخطية خلال أسبوع من تاريخ الحل، وذلك تطبيقا لنص المادة (74/2) من الدستور التي أضيفت في التعديلات الدستورية لعام 2011. فالحكومة الحالية سترحل بعد الحل، فاسحة المجال أمام حكومة جديدة ستجرى الانتخابات النيابية القادمة في عهدها، وسيكون الخيار لجلالة الملك في الإبقاء عليها بعد موسم الانتخابات من عدمه.
وعن شخصية رئيس الوزراء القادم، فإنه سيبقى ضمن الصلاحيات التقديرية المقررة لجلالة الملك بموجب المادة (35) من الدستور، إلا أن المادة (74/2) قد فرضت قيدا على هذه الصلاحية يتمثل بعدم جواز تكليف رئيس الوزراء الحالي بتشكيل الحكومة القادمة، وهذا ما يمكن اعتباره عقابا غير مبرر لشخص رئيس الوزراء على تكريس مبدأ الفصل المرن بين السلطتين التشريعية والتنفيذية.
إن ما يؤكد عدم جدوى هذا الحكم الذي أضيف في عام 2011، أن الحظر الوارد في المادة (74/2) من الدستور يقتصر فقط على رئيس الوزراء الذي لا يجوز إعادة اختياره لتشكيل الحكومة، في حين أنه لا يوجد ما يمنع الوزراء الحاليين من أن يتم اختيارهم وزراء في الحكومة القادمة، أو أن يتم اختيار أحدهم رئيساً للوزراء خلفاً للرئيس الحالي.
* أستاذ القانون الدستوري في كلية الحقوق/الجامعة الأردنية
[email protected]